المزيد من نتائج البحث...

Generic selectors
Exact matches only
Search in title
Search in content
Post Type Selectors
Search in posts
Search in pages
portfolio
مِن وَحـي “طوفانِ الأقصَى” – مَقال (7)

مُلَخَّصُ وخُلاصَةُ مَعرَكَةِ “طُوفان الأقْصى”

عَزام زَقزوق

عَزام زَقزوق

مُستَشارُ ومُدرِّبُ وإستراتيجـيُّ إدارةِ مشروعات

كتَبَ الخليفَةُ الرَّاشدُ أبو بكرٍ الصِّدِّيق (رضي الله عنه) إلى أحَدِ وُلاتِهِ رسالةً مُوجَزةً، مِمَّا جاء فيها: “… وإذا وعَظتَ فأَوْجِز؛ فإنَّ كَثرَةَ الكلامِ يُنْسِي بَعضُهُ بَعضًا…(وَقَفاتٌ مَع الأبرار ورَقائقُ مِنَ المنثُور والأشْعار:188 والقَولُ نَفسُهُ أَوصَت به أُمُّنا عائشة بنت أبي بكر “رضي الله عنهما” عُبَيدَ بن عمر: “يا عبيدَ بن عمر إذا وَعَظتَ فأَوجِزْ فإنَّ كثيرَ الكلامِ يُنسي بَعضُهُ بَعضًامسلم) وعَلَيهِ؛ فإنَّ ما كان من كَثرَةِ كَلامٍ، وإسهابٍ، خلال أربعة أشهر مَضَوا من عمر معركة “طوفان الأقصى” ما يقتضي وضعَ التلخيصِ؛ اختصارًا، وإيجازًا… وبَيانَ الخُلاصَةِ؛ زُبدةً، وصَفاءً… حتى لا يُنسي الكلامُ بعضُهُ بعضًا، وبالذات ما تَعَلَّقَ منه بالتفاصيل الاختصاصية…!

لَخَّص لنا عز وجل تدافُعَ الإيمان والكفر، والحق والباطل، والعدل والظلم، وخَلَصَ بِنا إلى إجمالٍ فحواه: “قُتِلَ أَصْحابُ الأُخْدُود، النَّارِ ذاتِ الوَقُودِ، إِذْ هُمْ عَلَيْها قُعُودٌ، وَهُمْ عَلى ما يَفْعَلُونَ بِالمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ، وَما نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ العَزِيزِ الحَمِيد(البُروج:4-8)

وجاءت السُّنَّةُ النَّبَوِيَّةُ الشَّريفَةُ مُبِيِّنَةً (وهذا شأنُها مع كتاب الله…) لمُجمَل قِصَّة التَّدافُع المذكورة بما رواهُ الصحابيُّ الرُّومِيّ صُهَيبُ بن سِنان (رضي الله عنه) بحديثٍ طويلٍ أبدَأُ بمُلَخَّصِهِ وخُلاصَتِهِ؛ والتي تمثَّلَت بـ “الخِدعَة الاستِدراجِيَّةِ” التي قام بها الغلام الرَّبانيُّ مع الملِكِ الطاغِية: “… فَقالَ لِلمَلِكِ: إنَّكَ لَستَ بقاتِلِي حتَّى تَفعَلَ ما آمُرُكَ به، قالَ: وَما هُوَ؟ قالَ: تَجمَعُ النَّاسَ في صَعِيدٍ واحِدٍ، وَتَصلُبُنِي على جِذْعٍ، ثُمَّ خُذْ سَهْمًا مِن كِنانَتِي، ثُمَّ ضَعِ السَّهْمَ في كَبِدِ القَوْسِ، ثُمَّ قُلْ: باسْمِ اللهِ رَبِّ الغُلامِ، ثُمَّ ارْمِنِي؛ فإنَّكَ إذا فَعَلْتَ ذلكَ قَتَلْتَنِي…(مُسلِم)

إنَّ المُلَخَّصَ في معركة “أصحاب الأخدود” كان في: انتصار الإيمان على الكفر، والحق على الباطل، والعدل على الظلم… والخُلاصَةُ كانت في: فَوْزِ الذين آمَنوا

أمَّا كيف انطَلَت الخِدعَةُ على الملك الطاغية، ووَقَع في الشَّرَك، فقد لَخَّصَتها كلماتُ ذات الحديث الآتية: “… أُتِيَ (الملِك) فقِيلَ له: أَرَأَيْتَ ما كُنْتَ تَحْذَرُ؟ قدْ وَاللَّهِ نَزَلَ بكَ حَذَرُكَ؛ قدْ آمَنَ النَّاسُ، فأمَرَ بالأُخْدُودِ في أَفْواهِ السِّكَكِ، فَخُدَّتْ وَأَضْرَمَ النِّيران…

إنَّ المُلَخَّصَ في معركة “طوفان الأقصى” كان في كلمة (كلمةٍ واحدَةٍ، وخِطابٍ مُستَوفٍ) للقائد الدَّاهِيَةِ أبي إبراهيم السِّنوار قبل المعركة؛ بأنَّنا نريد لِـ “غَزَّة” أن تكون “الكاشِفَة” وقد كان “الانتصار” بِقِيادَتِهِ وحَوارِيِّيهِ في معركة “الكَشْف” أيَّما انتصار؛ ضمن دوائر الأقصى المتراكزة: فلسطينيًّا، وعربيًّا، وإسلاميًّا، وإنسانيًّا…

أمَّا تحقيقُ الفَوزِ فهو قَرارُ كُلٍّ مِنَّا بالصَّبرِ على “المشاركة” أو “الإسهام” بما يستطيع؛ اجتهادًا وجهادًا… وهذا قد بَيَّنَهُ الحديثُ في عِباراتِهِ: “… وَقالَ: مَن لَمْ يَرْجِعْ عن دِينِهِ فأحْمُوهُ فِيها، أَوْ قيلَ له: اقْتَحِمْ، فَفَعَلُوا، حتَّى جاءَتِ امْرَأَةٌ وَمعها صَبِيٌّ لَها، فَتَقاعَسَتْ أَنْ تَقَعَ فِيها، فَقالَ لَها الغُلامُ: يا أُمَّهْ! اصْبِرِي؛ فإنَّكِ على الحَقّ“.

حذَّرَنا رسولُ الله (صلى الله عليه وسلم) من القتال تحت رايَةٍ عِمِّيَّةٍ (نِسبَةً إلى العَمى؛ الذِي لا يَستبِينُ فيه وجْهُ الحقِّ من الباطلِ) بقوله: “… ومَن قاتَلَ تَحْتَ رايَةٍ عِمِّيَّةٍ يَغْضَبُ لِعَصَبَةٍ (يَغضَبُ لِمَحْضِ التَّعَصُّبِ لقَومِهِ، أو قَبيلتِه… لا لِنُصْرَةِ الدِّينِ والحقِّ، فيُقاتِلُ بغيرِ بَصِيرَةٍ وعلمٍ؛ تَعَصُّبًا) أوْ يَدْعُو إلى عَصَبَةٍ، أوْ يَنْصُرُ عَصَبَةً، فَقُتِلَ، فقِتْلَةٌ جاهِلِيَّة…(مُسلِم) والحمد لله أنَّ هكذا “عِمِّيَّةً” مُنتَفِيَةٌ تمامًا عن معركة الأمَّة في “طوفان الأقصى” حيث الحَقّ فيها أبلَج ضد الباطل.

إذًا؛ فَالمُلَخَّصُ في معركة “طُوفانِ الأقصى” تجسيدٌ لانتِصارِ: الإيمان على الكفر، والحق على الباطل، والعدل على الظلم. والخُلاصَةُ أنها: فُرصةٌ لتحقيق فَوْزِ الذين آمَنوا

وعَلَيهِ؛ يُفهَمُ مِن شِعارِ عِزِّالدِّينِ القسّامِ وتلاميذِهِ (رَحِمَهُم الله): “إنه لجهادٌ؛ نَصرٌ أو استِشهاد” أنَّ في الأمرَيْنِ فَوزٌ دُنيَوِيٌّ، أو أُخرَوِيٌّ، أو كِلَيهِما؛ إن تَحَرَّيْنا الإخلاصَ والصَّواب.

التاريـــخ: 25، رَجب (07)، 1445هـ

الموافق: 06، شباط (02)، 2024م