المزيد من نتائج البحث...

Generic selectors
Exact matches only
Search in title
Search in content
Post Type Selectors
Search in posts
Search in pages
portfolio

مِن وَحـي “طوفانِ الأقصَى” – مَقال (5)

دَعكَ مِنهُم الآن فَالأَمرُ أَكبَرُ مِن ذلِك

Picture of عَزام زَقزوق

عَزام زَقزوق

مُستَشارُ ومُدرِّبُ وإستراتيجـيُّ إدارةِ مشروعات

رُوِيَ في السِّيرة النبوية الشريفة إبّان غَزوَةِ الخندق/الأحزاب:
“أن كان سعد بن معاذ سيِّد الأَوس أحَدَ الذين أرسلهم النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى بني قريظة، ليعرف منهم هل ما زالوا على العَهدِ أم قد خانوا؟!
فقَدِم هو، وسعدٌ بن عبادة الخزرجي، وعبد الله بن رواحة، وغيرهم، فلما قَدِموا على اليهود كان أشد المجموعة على اليهود هو سعد بن معاذ فَسَبَّهُم وشَتَمَهُم، فَسَبُّوهُ وشَتَمُوهُ رضي الله عنه.
وسعد بن عبادة رضي الله عنه قال: دَعكَ منهم الآن؛ فالأمرُ أكبرُ من ذلك.”
إنَّ في استِقرائنا لهذا المَوقف بيانٌ واضحٌ لِحِكْمةِ سَعدِ بن عبادة في الاستِجابة (Response) وترتيبِ الأولويّاتِ إستراتيجيًّا؛ زمانًا، ومكانًا، وأشخاصًا…
بمقابل ردِّ فِعلِ (Reaction) سعد بن معاذ، رضي الله عنهما.
إِنَّ المتابعَ لحَيثِيَّاتِ سِياق معركة “طوفان الأقصى” القائمَةِ يُدركُ يقينًا أنها الأقرب شَبَهًا لغزوة الخندق/الأحزاب في السيرة النبوية الخالدة. وهذا ليس بمُستَغرَبٍ أبدًا؛ فإسلامُنا، الدِّينُ والشريعةُ والمنهاجُ للحياةِ، صالحٌ لكُلِّ زَمانٍ؛ بما يتضمَّنُ من: دروسٍ، وعبرٍ، وتوجيهاتٍ، وإستراتيجيات… إلخ.
فمِمَّا لاحظناه في مُتابَعتِنا لحيثيات معركة “طوفان الأقصى” أنَّ هناك اعتبارٌ عند قطاع مِنَّا لِمَواقفِ المُتخاذِلينَ المُرجِفين في أُمَّتنا الإسلامية، ورِهانًا على مَواقفهم…
وهذا مِمّا يجبُ الكَفُّ عنه، لصالح تركيز جهودنا، وأعصابنا، وأوقاتنا… على جَوهر معركة الحق والباطل، والكفر والإيمان، وحِفظِ زخَم الطوفان.
إنَّ ملاحقة المُتخاذِلين المُرجِفين فيما يقولون ويفعلون لا جدوى منها أوَّلًا…
وهي -ثانيًا- بابُ فِتنَةٍ قد يَحرِقُنا فتحُهُ، ويُبَدِّدُ جهودَنا دخولُهُ.
لا بل هذا ما يَستَثمِرُ فيه عَدُوُّ الإسلامِ والإنسانيةِ الآن… هذا العدو المعروف بخُبثِهِ، وشِدَّةِ عَداوتِهِ للذين آمنوا!
عَلَّمَتنا السيرةُ النبوية، ومن بعدِها التاريخُ الإسلامي، أنّ دناءَةَ المُتخاذلين، ووَضاعَةَ المرجفين، تَتَلاشَيان من تلقاء ذاتهما؛ إنْ مضى أصحابُ الحَقِّ قُدُمًا في معركة التدافع والدفاع عن الحق مع أهل الباطل.
لا بل إنّ من حصائلِ معركة الحق والباطل انكشافَ حالِ المتخاذلين المرجفين هؤلاء، ووضعهم في مَواضِعِهِم الدُّون التي ارتَضوها لأنفسهم…
وعليه؛ فلا خَشية من أن تُرفَع لهم بعدُ راية، أو تُحَقَّقُ لهم غاية. فهؤلاء أساسًا لو خرجوا في المؤمنين لا يَألونَهُم خَبالًا؛ أي لن يُقصِّروا في إفساد دينهم، بإحداث الشر فيهم…!
العبرةُ في مقالنا هذا، وبإيجاز؛
إنَّ عَدَمَ المُشارَكَةِ (Participation) فِي مَعرَكَةِ الحَقِّ وَالباطِلِ فِي “طوفانِ الأَقْصى” لا يُسقِطُ واجِبَ الإِسْهامِ (Contribution) بِالزِّيادَةِ فِي: حُسنِ الظَّنِّ بِاللهِ -عز وجل- وَالدُّعاءِ، وَالمُسْتَطاعِ: من مالٍ، ومِنْ مُقاطَعَةٍ… وَبَيانٍ صائِبٍ: يُضِيفُ جَدِيدًا، وَيُنهِجُ مَوجُودًا، وَيُصَوِّبُ خَطَأً.
وخير دعاء في سياق معركة “طوفان الأقصى” القائمة هو ما ثبت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إبّان غزوة الخندق/الأحزاب: “اللَّهُمَّ مُنزِلَ الكِتابِ، ومُجْرِيَ السَّحابِ، وهازِمَ الأحزَابِ، اهزِمهُم وانصُرنَا عليهم” البخاريّ.

التاريـــخ: 18، ربيع الآخر (04)، 1445هـ

الموافق: 2، نوفمبر (11)، 2023م