“عَمَلِيَّاتُ العَقْلِ-المَفْتوح” (Open-Mind Surgeries) – حَلْقَة (13)

شَخصُ د. عدنان إبراهيم ونِتاجُهُ ليس ظاهرةً وإنّما أثرًا لظاهِرَة

Picture of عَزام زَقزوق

عَزام زَقزوق

مُستَشارُ ومُدرِّبُ وإستراتيجـيُّ إدارةِ مشروعات

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته…!

بحسَب سؤالك الآتي أخي د. أبو خالد هاني جامع؛ والذي وجّهتَهُ لي عبر الـ”فيسبوك” (Facebook):

طالما تطرّقنا لهذا الموضوع (أي: التعرُّض للأسباب، وليس الاستغراق في الآثار… والاستجابة، وليس رَدُّ الفِعل…) فسأشاركك ظاهرة أزعجتني كثيرًا من بعض الدعاة و”المصلحين” وهي التعامل مع د. عدنان إبراهيم. وكما أبدى د. طارق السويدان ود. سلمان العودة رأيهما فيه؛ حيث أجمعا على أنه رجل ذو علم زاخر، وموهبة كبيرة في التحليل والفهم؛ مع بعض الشطحات؛ فالكمال لله. والرجل (أي د. عدنان) نُسِف وسُحِق وكُفِّر من قبل بعض “الغيورين”! بحجة التحذير منه.

أولًا؛ ألا تعتقد، وأنا أعتدُّ برأيك كونك لك باع في هذه المجالات، ألا تعتقد أنّ الناقدين هم في حالة “رَدِّ الفِعل” (Reacting) أم حالة “الاستجابَةِ” (Responding)؟

وثانيًا؛ ألا توافقني الرأي أنّ نَسْف شخصٍ مجتهدٍ كعدنان إبراهيم يُقَيِّدُ آفاق الانطلاق لكل من هو نابغ؛ خشية “النَّسف” من قِبَل مُخالفيه؟!”

في الحقيقة؛ ولما ينطوي عليه السؤال/الاستفسار من أهمية إستراتيجية، ومسئولية أخلاقية، وحساسية شرعية آثرتُ التعامل معه (كما ترى) بتوثيق عالٍ، وتأنٍّ، ومراجعةٍ مُتكرّرةٍ… مع رجائي منك، أخي د. أبو خالد، التعامل معه بذات المستوى من المعيارية عند قراءته، أو عرضه للحوار مع مَن تَثِق بعقله وإخلاصه من الناس. حيث أن صياغتك للسؤال تُشير وتَشي بِمَيْلِكَ وتعاطُفِكَ مع الحالة؛ لصالح الأخ د. عدنان إبراهيم “أبو محمد”… وهذا من حقّك طبعًا؛ لكن ما أرجو وقايته والحذر منه أن يَترُكَ هذا الميل أو التعاطف أثره في تعاطيك مع جوابي أدناه. فمِمّا هو مُقَرَّر من القواعِد عند أهل السنة والجماعة أنّ: “الحقَّ لا يُعرَفُ بالرّجال، اعرِف الحقّ تعرف رِجالَه“. إذَن؛ دعنا نستوضح معيارية ما هو حق وصواب؛ ابتداءً، ومن ثم نُعايِر ونَزِن الرجال (عدنان، سليمان، طارق، عزام… إلخ) به.

إنّ مما لا شك فيه أن حجمَ وتكلُّسَ طبقات تخلُّفِنا وانحطاطِنا؛ الذي عاشت الأمة انحدارَه عبر قرون، وتعيش انهيارَه في السنوات الأخيرة، هذه الطبقات لا يُجدي مع إزالتها مسحُ المناديلِ الخَفيف! وإنما طَرقُ الفُؤوس الثقيل… وعليه؛ فإن واقعَ انحطاطٍ وتخلُّفٍ هذا حالُهُ يحتاجُ إلى شخصيات تجديدية بمواصفات استثنائية، وفكرٍ وفهمٍ جَذرِيّان، وجَلَدٍ عالٍ… هذا كله من جانب.

ومن جانبٍ آخَر؛ خلال أكثر من ثُلُثَي قرن مضى من الزمان أخفَقَت/عَجَزَت الحركات التغييرية! الإصلاحية! النهضوية! الإسلامية! المعاصرة، وعمودها الفِقْريّ مُمَثَّلٌ بحركة الإخوان المسلمين، عن مَلءِ الفراغ العلميّ… فضلًا عن العمليّ… منه، ومن ثم تحقيق الإقلاع الحضاريّ للأمة الإسلامية… فالفهم والتصور الشامل، والمتكامل، واللُّحْمِيّ (Holistic) الإسلامي يأخذ في الاعتبار (وُجوبًا وفَرضًا) جميع مناحي الحياة السياسية منها والإدارية والاقتصادية (المالية) والإعلامية… إلخ على أساسِ ومِحْورِ الإيمان (العقيدة التي مِحوَرُها التوحيد)؛ وليس بالاهتمام والتركيز على منحى دون آخر؛ فهذا أمر لم تتركه الشريعة الإسلامية الغراء، أخي أبو خالد، لاجتهادات الناس والحركات التغييرية والإصلاحية… إلخ. وأُحيلُكَ في تفصيل رأيي هذا لمقابلة “في العُمْق” أجراها أ. علي الظفيري مع د. عبد المجيد النجار و د. محمد مختار الشنقيطي في قناة الجزيرة. أرجو منك الاطلاع عليها والتَّصبُّر على فهم محتواها؛ ففيها كلامٌ بمنتهى الخطورة والأهمية والحساسية حول عدم جاهزية الحركات الإسلامية المعاصرة من النواحي العلمية… فضلًا عن النواحي العملية… ولا أظن شخصًا بمستوى مُدرَكَكُم الذهنيّ العالي ووَعيِكُم الثاقب قد يناقش بَدَهِيَّةَ أهميةِ وضرورةِ وأولويةِ العلم قبل القول والعمل؛ في كل شئون الحياة ومناحيها… خلاصة القول في هذا الجانب؛ أنَّ حالَةَ “المُنخَفَض الإنسانيّ” ولا أقول “الرَّبيعَ العربيّ” الذي تعيشه الأمة مُؤَخَّرًا سببه (ولا أقول أثره!) إخْفاقُ/عَجْزُ الحركات التغييرية! الإصلاحية! النهضوية عن مَلء الفراغ؛ وبالذات عندما أتيحت لها الفرصة في السنوات الأخيرة، وَوُضِع أبناؤها على المِحَك السياسيّ وغيره… نعم؛ حُكمي في هذه الحركات وأبنائها الكرام: “أنَّهُم خيرُ الموجودِ، لكِنَّهُم دونَ المَنْشود” بكثير… للأسف.

في ظلِّ هذه الحالة الظاهِرَة (Phenomenon) من الفراغ والانهيار (وليس مجرّد الانحدار) فُتِحَت الخيارات على كل الاحتمالات، وأصبح جسمُ الأمة ناقِص (ولا أقول فاقد) المناعة المكتسبة… وأصبح، بناءً عليه، يُلتَفَت لكل النِّداءات، ويُتَأثَّرُ بكل الادعاءات؛ أشخاصًا وأطروحات… وهذا شأن الفَراغ فِطْريًّا؛ لو نُفِخَ فيه بالونًا لَمَلَأَهُ، وأشغَلَ حَيِّزَه… فكما يقال في المثل الفِطْريّ الفلسطينيّ الشعبيّ (أرجو إعذار “شِدَّتِهِ وحَدِّيَّتِهِ”!): “مِن قِلَّةِ الخَيْلِ، سَرَّجوا على الكِلاب” وفي رواية “… شَدُّوا على الحَمير” أجلَّكُم الله، والمذكورين في جوابنا هذا.

هذه الخَلْفِيَّة (Background) المختَصَرة، بَلْ المعتَصَرة، لا بدّ من عرضها ووَعيها كأسباب جذرية أساس (Root causes) لنشوء آثار كحالة الأخ د. عدنان إبراهيم وغيره من الشخصيات التغييرية الإصلاحية… غيرُ مكتَمِلَةِ النُّموّ… وبالتالي الأهلِيَّة…

والآن دعنا نتناول حالة (Case) الأخ د. عدنان إبراهيم “أبو محمد” المذكورة في ضوء الخلفية أعلاه…

ففي مناسبات مختلفة ومتكرّرة، وبشكلٍ عَفَوِيّ بادَرَني إخوة وأخوات كِرام من مشاركي دوراتي الإدارية خلال السنوات الماضية بالقول إنك، بشخصك وبما تُقدِّم من آراء وأفكار ومفاهيم، تُذَكِّرُنا بالأخ د. عدنان إبراهيم؛ فهل تعرفه؟ أو لك علاقة به؟ فكان جوابي لهم باستمرار: أني لم أتشرَّف بعدُ بذلك! حتى بات الأمر يلفِتُ انتباهي، ويستَرعي اهتمامي، فبادرتُ من طرفي بالاستماع لبعض خطبه وكلماته عبر مقاطع فيديو “YouTube” متفرقة ومنتشرة عبر الإنترنت، فأيقنتُ أني أمام شخص استثنائيّ في ذكائه، وسرعة بَديهَتهِ، واعتدادِهِ العالي، وثقتِهِ الزائِدَة بنفسه وبما يطرح، وصَراحَتِهِ ووُضوحِهِ ومباشَرَتِهِ الجريئة (Aggressiveness) والتي تَتَعَدّى أحيانًا إلى حدِّ الهُجومية الإزعاجِيَّة (Offensiveness)… نعم؛ أثار إعجابي، واستَوجَب احترامي، واستدعى حِسّي الإنسانيّ النَّقدِيّ؛ فأنا إنسانٌ أولًا ثم مسلم؛ والعكس غير صحيح…

الشاهد؛ أن هذا كله جعلني أتَتَبَّعُهُ في بعض المسائل (مثل: تَعَرُّضِهِ لِفِتَنِ عصر الخلافة الراشدة، وظاهرة الشيعة والسنة… إلخ)، والاستِشْهادات، والاستِدلالات… فوجدتُهُ مُتَوَرِّطًا ببعض الأخطاء والسَّقْطات والشَّطْحات؛ حسَب تعبيرك أخي أبو خالد. ولكن هذا النَّقْد لم يصل عندي إلى مستوى النَّقْض لشخصه ونِتاجِه؛ فمعلومٌ أن لكلِّ عالمٍ هَفْوَة، ولكلِّ حصانٍ كَبْوَة، ولكلِّ سَيْفٍ نَبْوَة… ومعلومٌ أيضًا أنه إذا بلغ الماءُ قُلَّتَيْن لم يحمل الخَبَث، فبقي الأمر عندي هكذا مُعلّقًا؛ حتى أتأكّد من الصورة الكلية للرجل، وأُلِمّ بمنهجيته المتّبعة عنده… فسُرعان ما طَغَت على الأمر أولوياتي وأهدافي؛ ضمن رؤيتي (Vision) الإستراتيجية العشرية في بناء النظرية الإدارية على أساسٍ من النقل الصحيح، والعقل الصريح، والفطرة السليمة؛ ضمن مشروعٍ قائم عندي “الإرادةُ روحُ الإدارَة” (آرا – ARA)… وعليه؛ لم أتابع أمر الرجل.

بَقِيَ الأمر عندي مُعَلَّقًا حتى تاريخ ما يزيد عن الثلاثة شهور من الآن؛ حيث شارك في دورة من دوراتي الإدارية شخصٌ إداريٌّ كريم يعمل في مجال الاتصالات، فأثار موضوع الأخ د. عدنان فيما بيني وبينه مُستَفسِرًا ومُستَوضِحًا عن رأيي فيه، وبما يطرح، لأنه (كما عرّف نفسه) أحد طلابه، وأنه يُعِدُّ الأخ د. عدنان شيخه… فأعاد موضوعه في ذهني من جديد؛ فقلتُ له، عدلًا وإنصافًا، أني خَلَصْتُ إلى أن الرجل متورّطٌ ببعض الأخطاء والسقطات… وحسْب. وأني لم أطلع على منهجيته بعد… وعليه؛ أعتذر عن إبداء الرأي حوله؛ حتى أتحقّق وأتيقّن أكثر. وأخبرته بأننا ولِكَي نكون ناصِحين إيجابِيّين بَنّائين تجاه شيخك، أرجو أن تزوّدني بكل ما من شأنه تبيين منهجيته؛ لكي نسير معه على بصيرةٍ نحن ومن سيتَّبِعنا، ونزداد منه كَيْلَ عِلْم. فلو أنّ محمدًا ﷺ بين ظَهْرانينا ما كان له علينا أن نَتَّبِعْهُ إلا على بصيرةٍ (أي عُمقُ الفَهم) وبرهانٍ شرعيّ وعلميّ1

الخلاصة؛ أن الأخ زوَّدَني بما يبيِّنُ جانبًا من منهجية الرجل، وبالذات في تعاطيه مع السُّنة النبوية الشريفة؛ وكانت هناك الطامَّة الكبرى التي على إثرها طلبتُ من الأخ الطالب أن يفتح خط اتصال بيني وبين شيخه لنصيحته2 حول الأسس التي بنى عليها منهجيته الضالة الخاطئة. نعم؛ هنا دخلنا في المنطقة المحظورة؛ منطقة الحق والباطل… وليس مجرّد الخطأ والصواب (حيث يَسَعُنا الاختلاف والخلاف). وعليه؛ لا يَسَعُنا إلا الاختلافَ والخلافَ معه. العجيب! أن الشخص المباشر له/منه اشترط لمحاورته من قِبَلي أن أكتب ما أريد مُسَبَّقًا حتى ينظر الشيخ فيه، ومن ثم يُقَرِّر هو قبول اللقاء، أو الاتصال من عدمه! لأنه مشغول بأولويات ضاغطة تمنعه من المقابلة أو الاتصال… فكان ردّي المستاء لهما حينئذٍ بأني فَقَدْتُ الرغبة والاستعداد للقاء؛ حيث أني أيضًا مشغولٌ بأولويات ضاغطة ومانعة من متابعة الأخ د. عدنان؛ لولا طلب أحد طلابه الرأي حوله… فكانت النتيجة أن شَعَر الأخ طالب الرأي بالإحراج “والكسوف” من ردّ الشخص المباشر من طرف شيخه… النتيجة التي قلتها للأخ الكريم (وعلاقتي معه ما زالت قائمة) طالب الرأي حينذاك، طَرْحُ شيخك، لا مَحالة، سيتهاوى على مِحَكّاتِ النَّقدِ الموضوعيّ، إن لم يتدارك أمرَه، ويصوّب مسارَه، ويصحّحَ آراءه…

فمثلًا؛ عندما ينسِفُ د. عدنان (لاحظ أخي أبو خالد أن حالة النَّسْف التي تفضّلتَ بذكرها في سؤالك أعلاه هو من ابتدأها وليس خصومُهُ؛ وإلا فهو شخصٌ لا تعوزُهُ الجُرأة، ونَزعَةُ الهُجومِيَّة3) معايير ومنهجيات علم الحديث الحاكمة والمستقرة منذ قرون (وبالذات القرون الثلاثة الأُوَل من دورة حياة الأمة الإسلامية) لعدم استقامتها مع عقله، وموافقتها هَواه… ماذا يتوقّع من الأمة وأبنائِها غير المقاومة والمواجهة والخصومة… طيّب؛ لو سلَّمنا له بمنهجيته العقلية… وسلَّمنا للدكتور طارق السويدان “أبو محمد” من قبله بمَنهَجِيَّتِهِ الهَشَّة الضعيفة (هذا إن كان هناك منهجية أصلًا!) في تعاطيه مع الأحاديث والرِّوايات السُّنِّيَّة… فلماذا إذن نلوم ونعتب على كل من هبّ ودبّ من حاطِبي اللَّيل4؛ ممّن يُسَمّون بالمفكّرين المصلحين! والنَّهضَوِيّين!

أنا أعلمُ وأعايشُ حالة قطاع مُعتَبَر من المتأثرين بهذه النزعات، والأفكار، والمنهجيات، وبالذات من فئة الشباب! ولكني أعلم في الوقت نفسه، ومنذ أكثر من ربع قرن حال هشاشَةِ بِنْيَةِ هؤلاء الناس الشرعية العلمية… وضعف جهاز مناعتهم التربويّ العمليّ… يا سيدي؛ أعلِمُك بما هو أدهى وأمَرّ من حالة هؤلاء الناس؛ ممن انتكسوا وارتكسوا عن دينهم وشريعتهم بالكلية…

فمِمّا هو معلومٌ من طبّ الأسنان بالضرورة (بوصفك يا أبا خالد طبيب أسنان مُمَيَّز) أنّ نَخْرَ السُّوس (Decay) إن أصاب ضِرسًا وَجَب ملاحقته بالحفر والتنظيف حتى أصوله، ومن ثم يكون الحَشْو (Filling) والبناء على أساس نظيف، وليس الاكتفاء بالحشو والتلبيس الظاهريّ. لأن هذا إن حدث سيوجِدُ عَفَنًا وخَمَجًا، ومن ثم فسادًا وتَلَفًا يودي بالضِّرْسِ كامِلًا/كامِلَةً… وكذلك مَثَلُ الحال في الإطار التَّغييريّ الإصلاحيّ المعنَوِيّ؛ إذا لم نلاحق الانحراف والضلال من أسبابه الجذرية وأصوله فلن نُفلِحَ أبدًا. النجاسَةُ لا تُطَهَّرُ بالبَول؛ وإنما بماءٍ زُلالٍ طاهرٍ مُطَهِّر… ثمَّة فرقٌ كبيرٌ بَيِّنٌ بين التَّبْسيط (Simplifying) والتَّسْطيح (Superficialsing)… وبين التَّوفيق (Reconciling) والتَّلفيق (Patching)… في مَسارِ وعملية التَّغيير، والإصلاح، والإنهاض الحضاريّ.

احترامُ الاختصاص/التخصُّص؛ أمرٌ مفروغٌ منه، ومقطوعٌ به: شرعًا… وعقلًا… وفطرًة… علم الحديث علمٌ راسِخٌ ومستَقِرٌّ عبر قرون، لا بل ألْفِيّات، وليس مَشاعًا لكل غير مُؤَهّلٍ؛ مِمّن “لِسَّه ريشُو ما نَبَت” كما يقول إخوانُنا السوريون. نحن نؤمن بالتبسيط ولكننا نكفر بالتسطيح، ونؤمن بالتوفيق ولكننا نحارب التلفيق. هذا ما قام به ابن تيمية يرحمه الله في القرن الثامن الهجريّ عندما وضع كتابه الشهير: “درءُ تعارضِ العقلِ والنّقل (أو: موافقة صحيح المنقول لصريح المعقول)” بَسَّطَ وَوَفَّق… ولم يُسطِّح ويُلفِّق… كما يريد هؤلاء الناس للأمة وغيرهم؛ من حيث يدرون أو لا يدرون، باسم “التَّقريب”، و”لَمِّ الشَّمل”، و”جَمْعِ الكلمة”، و”الاستجابة لضغوطات الواقع المعاصر”، و”لقاء الحضارات”… إلخ. والعجيب! أننا للآن لا أرضًا قَطَعْنا! ولا ظهرًا أبْقَيْنا! لا بل إخفاقنا/عجزنا أحدث فتنة؛ نحاول يائسين تَوْرِيَتَها بظلم الحكام! وتخلّي اللِّئام! عن دعوة ربّ الأنام…

تكرار ارتكاب الأخطاء الشرعية (تَجَرُّئِهِ على الصحابة الكرام –رَضِيَ اللهُ عَنْهُم-، وعَبَثِيَّة تعاطيه مع السُّنّة النبوية… وغيرها) ومن ثم الاعتذار عن بعضها… وقوله ما لا يفعل (بالدعوة إلى عدم القذف والسَّب والشتم؛ وهو مَن تورّط بكثيرٍ منه). كُلُّها أمورٌ تُذِلُ صاحبها… وتُحدِثُ ما يُسمى في علم السياسة بـ “فَجْوَةِ المصداقِيَّة”5 (Credibility Gap) مما يُفضي إلى تَهْوين وتَوْهين صورة الدين والشريعة الإسلامِيَّيْن في نظر وعقول الناس… هذا فضلًا عن وَغْرِ الصُّدور، وإثارَةِ النُّفوس؛ المُحتَقِنَةِ أصلًا.

فَرطُ الثِّقَةِ (Overconfidence) في التعرُّضِ لاختصاصات الشريعة الإسلامية المختلفة والمتنوعة، والحياة عمومًا تورّث الذِّلَة والمهانة لصاحبها… قال رسول الله ﷺ: “لَا يَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يُذِلَّ نَفْسَهُ. قَالُوا: وَكَيْفَ يُذِلُّ نَفْسَهُ؟ قَالَ: يَتَعَرَّضُ مِنْ الْبَلَاءِ لِمَا لَا يُطِيقُ6. علوم: أصول الفقه، وفروع الفقه وقواعده، والحديث، والتفسير، واللغة العربية… هذا فضلًا عن علوم السياسة، والاقتصاد، والإدارة، والإعلام… إلخ لا يُطيقها د. عدنان مجتمعةً لوحده.

قالها الشافعيّ من قَبلُ حِكْمَةً؛ يرحمه الله:

ما حَوى العِلْمَ جَميعًا أَحَدٌ … لا وَلَوْ مارَسَـهُ أَلْـفَ سَنَــة

إنَّمــا العِلْــمُ لَبَحــرٌ زاخِــرٌ … فَخُـــذُوا مِــنْ كُلِّ شَــيْءٍ أَحسَنَــه

نقول: هذا الذي قاله محمد بن إدريس الشافعيّ قد قاله في القرن الثاني الهجريّ والثامن الميلاديّ؛ وهو، في الحقيقةِ، لــــ/في عصرنا أَوْلى وآكَد منه في عصره هو؛ يرحمه الله… فأمعن النظر.

والحلُّ لا يكون بِمَعْيَرَة هذه العلوم، ومَنْهَجَتِها، وتكييفها بالتنقيص، أو التزيّد؛ بحيث توافق عقولَنا وهوانا… مَثَلُنا، نفسيًّا، في هذا الأمر مَثَلُ من أراد قَطْفَ عُنقودِ العِنَب، فلما عَجَز أن يطالَهُ قال عنه حامِض (أو حِصْرِم: أي أوّل العنب).

والآن اسمح لي، أيها العزيز، بعد هذا العرض المُعتصَر أن أجيب عن أسئلتك بشكل مباشر:

الأول: ألا تعتقد أنّ الناقدين هم في حالة “رَدِّ الفِعل” (Reacting) أم حالة “الاستجابة” (Responding

الجواب:

أوافقك الرأيَ؛ أنّ جُلَّ (ولا أقول كلّ) النقد يقع ضمن حالة “رَدِّ الفِعل” المتَّسِمَةِ بالعاطفية والخصومة والمقاومة… إلخ. وأنا في هذا المقام أشهدُ، إداريًّا، أنّ “المسئول” (Responsible) نسبيًّا، و “المحاسَب” (Accountable) كُلِّيًّا عن الحالة هذه هو أخي أبو محمد عدنان إبراهيم… وهذا حُكمٌ يحتاج إلى تبيينٍ وبسطٍ إداريَّيْن؛ ليس هذا سياقه.

وأحسَبُ أن جوابَنا المسطور في هذه الوثيقة يُعيدُ التوازن الاستجابيّ العقلانيّ على حساب رَدِّ الفِعل العاطفيّ الشُّعوريّ؛ بما تضمنّه الجواب من عرضٍ مُعتَصَر للخلفية، ولبعض (ولا أقول كُلّ) الحقائق والبراهين والوقائع… ولهذا أنا على استعداد لتقديم مزيدٍ منها؛ بحسَب الرغبة والطلب.

والثاني: ألا توافقني الرأي أنّ نسف شخص مجتهد كعدنان إبراهيم يُقَيِّدُ آفاق الانطلاق لكل من هو نابغ؛ خشية “النَّسف” من قِبَل مُخالفيه؟!

الجواب:

لا أوافقك الرأي أخي أبو خالد، بل العكس هو الصحيح والصائب. إنّ نَسْفَ مَن بناءُهُ الشَّرعيُّ الفِكرِيُّ فيه قابِلِيَّةُ وجاهِزِيَّةُ الانتِساف والاقتِلاع يرفع حدَّ المناعَةِ المكتَسَبَةِ، ومستوى السَّقْفِيَّةَ، وبالتالي مَبالِغَ العِلم عن محاولات التَّعَدّي والتَّجاوُزِ والتَّعالُم… إلخ عند الجميع.

هذا ما نفهمه في كتاب الله الحكيم  بالـ “مُدافَعَة“… التي لولاها لهدّمت صوامع وبِيَع ومساجد يذكر فيها اسم الله…

لِمَ لا نقول أنّ: “الضَّربَةَ التي لا تُفْنيني تُقَوِّيني“؟! و “لاَ يُلْدَغُ الْمُؤْمِنُ مِنْ جُحْرٍ وَاحِدٍ مَرَّتَيْنِ7. و “أحبُّ الناسِ إِلَيَّ مَن رَفَعَ إليَّ عُيوبي8… إلخ.

إن قيمةَ الأفكار النَّيِّرَة، والمفاهيم الصائِبَة، والتصوّرات السَّديدَة في ذاتها، ومستمدةٌ من ذاتها، وليس من غيرها. وهي بهذا مَثَلُها مَثَلُ العُمْلَة النَّقدية القديمة؛ حيث أن قيمتها مُتضمَّنَةٌ فيها، ومستمدة من ذاتها. فالدينار الذهبيّ؛ عُمْلَةٌ معدنيةٌ مَسْكوكةٌ من الذهب؛ قيمَتُهُ من قيمة وزنه ذهبًا، وكذلك الدِّرهم الفِضِّيّ قيمته من قيمة وزنه فضةً؛ وليس برَصيدَيْهِما في بنوك الناس! والدُّوَل! ولا بإنجازات وهمية؛ من قبيل: “سحب البساط من تحت أرجل الآخرين“، و”سرقة الأضواء من الحركات“، و”اشْرِئْباب الأعناق“، و”زعزعة العروش“… إلخ من الصِّيَغ؛ التي لا تليقُ بالمصلحين، النهضويّين من الدعاة، فضلًا عن العلماء.

الله ضامنٌ لما ينفع الناس؛ بإبقائِهِ في الأرض واستِدامَتِهِ، وبإذهابِ الزَّبَدِ جُفاءً… إذن؛ فليعمل كلٌّ على مكانته… إن كان طرح د. عدنان وعمله من صنف ما ينفع الناس فسيبقى في الأرض بضمان ربّ الناس ﷻ، أما إن كان من صنف الزبد فسيذهب جفاء وغثاءً… حسنًا؛ فليعمل الجميع بحسَبِ مَبْلَغِهِم من العلم إخلاصًا وصوابًا؛ والعاقبة للمتقين المحسنين منهم.

الخبير (Expert) من الناس (في أيّ اختصاص) هو من اجتمع له العلم والتجربة معًا (Expertise = Knowledge + Experience). وليس مجرّد التجربة الطويلة، أو العلم الزاخر؛ مُنفَرِدَين. ومما يُميّز الخبير شدة حرصه على التشخيص والمعاينة الدَّقيقَيْن قبل توصيف العلاج والحل… هذا الذي عناه بقوله: “… ٱلرَّحۡمَٰنُ فَسۡأَلۡ بِهِۦ خَبِيرٗاالفُرْقان:59. وقوله : “… وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثۡلُ خَبِيرٖفاطِرٍ:14.

وبناءً عليه؛ يجب على أخينا الكريم د. عدنان إبراهيم الاعتكاف على نفسه بإنضاجها في الأمْرَيْن (الخبرة والمعاينة الكافِيَتَيْن) أعلاه؛ دون تسطيحٍ، أو تلفيقٍ، أو ابْتِسارٍ، أو استعراض. وقبل التعرّض للاجتهاد، والفتوى، وإبداء الرأي… قال رسول الله ﷺ: “مَنْ تَطَبَّبَ9 ولم يُعْلَمْ منه طِبٌّ فهُوَ ضامِنٌ1011. وأقول: إذا كان هذا في أمرِ الحياةِ عمومًا، فهو في أمرِ دينِها وشريعَتِها أَوْلى وَآكَد. فالأمر كما في أحد قواعد أهل السنة والجماعة: “إن كنتَ ناقِلًا فالصِّحَّة، أو مُدَّعِيًا فالدَّليل“.

وهنا تساؤلٌ وتأكيدٌ تضمّنهما سؤالُك أخي هاني. الأول؛ مَن أجاز د. عدنان إبراهيم بالاجتهاد؛ بحسَب سؤالك؟! أما التأكيد فهو؛ أنّ د. سلمان فهد العودة (بما سمعته منه) امتدح د. عدنان إبراهيم، ولم يبرّر أخطاءه؛ وإنما اجتهد التخفيف من حِدّة الهجمة عليه، ولم يُوَفَّق كثيرًا في اجتهاده…

مرة أخرى؛ أؤكِّدُ على استثنائيةِ شخصيةِ أخي د. عدنان إبراهيم… وزَخْرِ علمِهِ… وجاهزيته كمشروع عالم تجديديّ مجتهد؛ على أن يعتكف على نفسه بالإنضاج (Maturation) أكثر… ولا بأس باعتزاله الناس بضع سنين؛ من أجل مزيدِ مُراجعةٍ وتصويبٍ لنِتاجِهِ العلميّ، كما فعل شيخُهُ أبو حامد محمد الغزّالي يرحمه الله من قبل؛ قُبَيْل وضعه كتابه الشهير “إحياء علوم الدين12 في القرن الخامس الهجريّ.

سَعِدتُ وتشرَّفتُ بالتواصل معك؛ أيها العزيز… سائلًا ربي القدير أن يوفّقنا، ويأخذ بنواصينا جميعًا لما هو حقٌّ، وصوابٌ، وصحيحٌ؛ من الأقوال والأعمال. وأن ينفعنا بما علّمنا، ويعلّمنا ما ينفعنا، ويرزقنا العلم والعمل والإخلاص فيهما لوجهه الكريم.

والله وَلِيُّ التوفيق والهادي إليه،

التاريـــخ: 07، ذو الحجة (12)، 1436هـ

الموافق: 20، سبتمبر (09)، 2015م

1 قال ﷻ: “قُلۡ هَٰذِهِۦ سَبِيلِيٓ أَدۡعُوٓاْ إِلَى ٱللَّهِۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا۠ وَمَنِ ٱتَّبَعَنِيۖ وَسُبۡحَٰنَ ٱللَّهِ وَمَآ أَنَا۠ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَيوسُف:108. يقول ابن كثير يرحمه الله: “يقول تعالى لعبده ورسوله إلى الثَّقَلَيْن -الإنس والجن- آمِرًا له أن يخبر الناس، أن هذه سبيلُه، أي طريقه ومسلكُه وسُنَّتُه؛ وهي الدعوة إلى شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، يدعو إلى الله بها على بَصِيرةٍ من ذلك، ويقينٍ وبرهانٍ، هو وكلُّ من اتَّبعه، يدعو إلى ما دعا إليه رسول الله ، على بصيرةٍ ويقينٍ وبرهانٍ شرعيّ وعقليّتفسير القرآن العظيم (المعروف بــــــ “تفسير ابن كثير”) – الشيخ الإمام/ عماد الدين أبي الفداء إسماعيل بن كثير الدمشقي – تحقيق وتخريج وتعليق: شُعيب محرّم الأرنؤوط ومحمد أنس مصطفى الخَنّ – الجزء الرابع – صفحة (372) – الطبعة الأولى: 1431هـ/2010م – دار الرسالة العالمية – دمشق.

2 قال رسول الله ﷺ: “الدِّينُ النَّصِيحَةُ“. قُلنا لِمَنْ؟ قَالَ: “لِلَّهِ، وَلِكِتَابِهِ، وَلِرَسولِهِ، وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ، وَعَامَّتِهِمْالراوي: تميم الداريّ – المحَدِّث: مسلم – المصدر: صحيح مسلم – الصفحة أو الرقم (55). خلاصة حكم المحَدِّث: صحيح.

3 فَرْطُ السيطرةِ والاستِحْواذ، والشدَّةِ الحَدِّيَّةِ الزائدة سِماتٌ عامة (عامة وليست جارِفَة) في التوجُّه النفسيّ (Attitude) والثقافة (Culture) الفلسطينيّة… إن لم يتداركها صاحبها بالتهذيب والتوجيه النَّفْسيّ الطويل النَّفَس؛ بموجب النقل الصحيح، والعقل الصريح، والفطرة السليمة. بالمناسبة؛ كاتب هذه الوثيقة هو إنسانٌ؛ أولًا… ومُسلِمٌ… وعَرَبيٌّ… وشامِيٌّ… وفِلَسْطينيٌّ (أَكْنافُ بيتِ المَقْدِس)، من محافظةِ “جِنيـن”، قرية “الجُدَيْـدَة”.

4 وهو وصفٌ استَقَيْناهُ من قول محمد بن إدريس الشافعيّ يرحمه الله: “مَثَلُ الَّذِي يَطْلُبُ الْعِلْمَ بِلا حُجَّةٍ، كَمَثَلِ حَاطِبِ لَيْلٍ يَحْمِلُ حِزْمَةَ حَطَبٍ وَفِيهِ أَفْعَى؛ تَلْدَغُهُ وَهُوَ لا يَدْرِيالمدخل إلى السنن الكبرى للبيهقي – بَابُ تَرْكِ الْحُكْمِ بِتَقْلِيدِ أَمْثَالِهِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ حَتَّى يَعْلَمَ مِثْلَ علمهم.

5 التفاوُتُ المتصوَّر فيما بين التصريحات والبيانات، وحقيقة الإنجازات والسلوكيات.

6 الراوي: حذيفة بن اليمان – المحَدِّث: الألبانيّ – المصدر: صحيح التِّرمذِيّ – الصفحة أو الرقم (2254). خلاصة حكم المحَدِّث: صحيح.

7 الراوي: أبو هريرة – المحَدِّث: البخاري – المصدر: صحيح البخاري – الصفحة أو الرقم (6133). خلاصة حكم المحَدِّث: صحيح.

8 الراوي: ابن سعد والدارميّ والبلاذريّ – المحَدِّث: د. عبدالسلام آل عيسى – المصدر: دراسةٌ نقديّةٌ في المرويّات الواردة في شخصيةِ عمر بن الخطاب -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- وسياستهِ الإداريةِ – الصفحة أو الرقم (580). خلاصة حكم المحَدِّث: ضعيف.

9 تعاطى الطِّبَّ وهو لا يُتْقنه.

10 الغارِم الملتَزِم بِأَداَءِ مَا قَدْ يَقْصُرُ فِي أَدَائِهِ، أو يحدثه من ضرر.

11 الراوي: عبدالله بن عمرو – المحَدِّث: الألباني – المصدر: صحيح الجامع – الصفحة أو الرقم (6153). خلاصة حكم المحَدِّث: حسن.

12 على ما في هذا الكتاب من أحاديث ضعيفة، وضعيفة جدًّا، وموضوعة. وشطحات صوفية؛ وبالذات في بابَي العقائد والسلوك.

ملاحظات عامة هامة:

  • أودُّ إعلامك أخي أبو خالد بأن وثيقة “شَخصُ د. عدنان إبراهيم ونِتاجُهُ ليس ظاهرةً وإنّما أثرًا لظاهِرَة” هذه قَيْد الإرسال إلى د. عدنان إبراهيم؛ بعد طمس كل ما يتعلق باسمكم الكريم، إلا إن رغبتم بالعكس.
  • أرجو منكم، عند تداول محتوى هذه الوثيقة، الحفاظ على سلامة وكمال النص كما هو، وباسم صاحبه؛ للاعتبارات الآتية:
    • مسئولية صاحبه أمام الله ﷻ، ومن ثم أمام خلقه؛ من الناس.
    • قول أحد شعراء المُعَلَّقات في الجاهلية؛ وهو طَرَفَة ابن العبد: في تأكيد “الحق الفكريّ” (Intellectual Property): “ونُصَّ الحديثَ إلى أهلِهِ … فإنّ الوثيقَةَ في نَصّهِ“. ومن بعده قول رسول الله ﷺ: “الْمُتَشَبِّعُ بِمَا لَمْ يُعْطَ كَلَابِسِ ثَوْبَيْ زُورٍ1.

1 الراوي: أسماء بنت أبي بكر – المحَدِّث: البخاري – المصدر: صحيح البخاري – الصفحة أو الرقم (5219). خلاصة حكم المحَدِّث: صحيح. قال النووي في شرح مسلم عند شرح هذا الحديث: قال العلماء معناه المتكثّر بما ليس عنده؛ بأن يظهر أن عنده ما ليس عنده؛ يتكثر بذلك عند الناس ويتزين بالباطل فهو مذموم كما يذم من لبس ثوبي زور13.