“عَمَلِيَّاتُ العَقْلِ-المَفْتوح” (Open-Mind Surgeries) – حَلْقَة (26)

مَوتُ العُلماءِ لا هو بالثُّلْمَةِ… ولا إنقاصٌ من أطرافِ الأرض!

عَزام زَقزوق

عَزام زَقزوق

مُستَشارُ ومُدرِّبُ وإستراتيجـيُّ إدارةِ مشروعات

بلا شَكّ! إنَّ العَينَ لتَدمَعُ، وإنَّ القَلبَ لَيَحزَنُ على مَوتِ الأعِزَّاءِ مِنَ النَّاس، وعَلى العُلَماءِ مِنهُم بِالذَّات… وذلِكَ لِـمَكانَتِهِم وفَضلِهِم، وتَأثيرِهِم وأَثَرِهِم…

وَفي أَمرِ مَوتِهِم ثَبَتَ عن رسول الله ﷺ أنه قال: “إنَّ اللَّهَ لا يَقْبِضُ العِلمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنَ العِبادِ، ولكِن يَقْبِضُ العِلمَ بقَبْضِ العُلَمَاءِ، حتَّى إذا لَمْ يُبْقِ عالِمًا اتَّخَذَ النَّاسُ رُؤُوسًا جُهَّالًا، فَسُئِلُوا فأفْتَوْا بغيرِ عِلْمٍ، فَضَلُّوا وأَضَلُّوا(البخاري)

ما يُفهمُ منَ الحَدِيثِ الحَثُّ على تَعلُّمِ العِلمِ وحِفظِه؛ فإنَّه لا يُرفَعُ إلَّا بِقَبضِ العُلماءِ. وفيه: التَّحذيرُ مِن تَرئيسِ الجَهَلةِ، وتَعيينِ الجُهَلاءِ في المناصبِ الدِّينيَّةِ… إلخ! وهذا، بِبَساطَةٍ، لِحقِيقَةٍ فِطريَّةٍ فحواها: أَنَّ الكَونَ يَكرَهُ الفَراغ!!

لكن ما انتَشَر مُؤَخَّرًا في وسائِلِ التَّواصُلِ الاجتِماعيِّ، وغيرها، مِنْ أنَّه: إِذا ماتَ العالِمُ ثُـلِمَ فِي الإِسلامِ ثُـلْمَةٌ (شَقٌّ، شَرْخٌ، ثَغْرَةٌ… إِلَخْ) لا يَسُدُّها شَيءٌ إِلى يَومِ القِيامَة” فهذا كَلامٌ غيرُ ثابتٍ من جِهَةِ السَّنَد… ومن جِهَةِ المعنى والمَقْصِدِ؛ هوَ باطِلٌ أيضًا! وإلَّا فكَيفَ نَقبَل بِرَأيِ (Opinion) انثِلامِ ما ارتَضاهُ… وضَمِنَ حِفظَه… الله عزَّ وجَل؟!!

ويأتيكَ آخَرٌ؛ برأيٍ، مُجَرَّد رَأي تفسيرِيّ… مِنْ أَنَّ تَفسيرَ الآيَةِ القُرآنِيَّة الكريمة: “… أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا(الرَّعد:41)

هو: مَوتُ العلماء!!!

إنَّ حَسْبَنا…  والأجدَرَ بأَخذِنا في فَهمِنا، وتَصَوُّرِنا، وسُلُوكِنا: القَولِيِّ والعَمَلِيِّ حقيقة (Fact) ما ثَبَت عن رَسُولِ الله ﷺ: “لا يَزالُ اللهُ يَغرِسُ فِي هذا الدِّينِ غَرسًا، يَسْتَعمِلُهُم فِيهِ بِطاعَتِهِ إِلى يَومِ القِيامَة(صَحِيحُ الجامِع)

وقَولِهِ ﷺ: “أمَّتي كالمطرِ لا يُدرى أولُّهُ خَيرٌ أَم آخِرُه

إنَّ عِلمنا بِحَوادِثِ الوُجُودِ يَتَراوَحُ انحِدارًا! بَينَ مَراتِبِ: اليَقِينِ… وَالظَّنِّ، وَالشَّكِّ، وَالوَهْـمِ! فَكَيفَ لِبالِغٍ عاقِلٍ راشِدٍ، فَضلًا عَن مُسلِمٍ، اللُّجُوءُ وَالاتِّكاءُ عَلى أَحَدِ الثَّلاثِ الأُخَرِ! رَغْمَ وُجُودِ أُولاهُم؟!!

اللهُمَّ! أَرِنـا الحَقَّ والصَّوابَ والصَّحيحَ حقًّا وصَوابًا وصَحِيحًا، وارزُقْنا اتِّباعَه!

التاريـــخ: 02، جُمادى الآخِرَة (06)، 1443هـ

الموافق: 05، يناير (01)، 2022م